الأربعاء، 24 أغسطس 2016

التنوير أولا... التنوير دائما





الكاتب : زوهير المشردل
يعتقد كثيرون أن التنوير نقيض الإيمان، و هذا الاعتقاد فيه غلط. التنوير هو خروج الإنسان عن مرحلة القصور العقلي وبلوغه سن النضج أو سن الرشد  كما عرف القصور العقلي على أنه  التبعية للآخرين وعدم القدرة على التفكير الشخصي أو السلوك في الحياة أو اتخاذ أي قرار بدون استشارة الشخص الوصي علينا. ومن هذا المنظور جاءت صرخته التنويرية لتقول اعملوا عقولكم أيها البشر! لتكن لكم الجرأة على استخدام عقولكم! فلا تتواكلوا بعد اليوم ولا تستسلموا للكسل والمقدور والمكتوب. تحركوا وانشطوا وانخرطوا في الحياة بشكل إيجابي متبصر. فالله زودكم بعقول وينبغي أن تستخدموها عوض استخدامها فقط في التعبد. لكن كان هناك من يفهم التنوير نقيضاً للإيمان أو للاعتقاد الديني.
يجب على المسلمين الخروج من الصندوق الدغمائي المنغمس في الظلامية الدينية و تحت  طغيان النظام الملكي المطلق و الانفتاح على الحضارات الاخرى و تقبل الاخر و التعايش رغم الاختلاف،  و التحرر من القيود  وعلى المسلم ان يصبح ناضجا فكريا وقادرا  على الاعتماد على نفسه، وأن يستخدم عقله للتحرر من المعتقدات الغريزية في الحقائق المعطاه، سواء تلك الفطرية التي تشكلت في ميدان المعرفة، أو تلك المستوحاة من الدين.
 المسلمون يدعون ان خروجهم من مأزقهم ليس بالتنوير وانما من عدم فهمهم النص الديني والذي هو في الأصل يحارب العقل، العلم عند المسلمين هو دراسة كتب الدينية التي عفى عليها الزمن.
العلماء عندهم هم الاشخاص الذين يدرسون هذه الكتب التي لا تسمن و لا تغني من جوع.
 فكيف يتقدمون و كل علومهم هي السجود و ازعاج الناس.
في بداية انتشار الاسلام تم اضطهاد عشرات العلماء والفلاسفة والمفكرين وقتلهم والتنكيل بهم ونفيهم وحرق كتبهم خلال العصور الإسلامية، ولعل أبرز الأمثلة إحراق مكتبة ابن رشد عام 594هـ/ 1198م في الساحة الكبرى بمدينة أشبيلية، والتي كانت تضم إلى جانب مؤلفات ابن رشد، كتب أخرى لابن سينا والفارابي وابن الهيثم وغيرهم، ووسط حضور حاشد أُرغم ابن رشد على مشاهدة مئات الكتب لعشرات الفلاسفة والمفكّرين، وهي تُحرق وسط تكبير وصراخ الغوغاء بتحريض من بعض شيوخ الدين.
تطبيق مبادئ العلمانية في المجتمعات العربية الاسلامية أمر صعب في الوقت الحالي فلا يزال يسيطر رجال الدين على العقل العربي، فتغول الدين وهيمنته على جوانب الحياة كما كان في الشكل الكنسي. الإسلاميون الوسطيون و غير الوسطيون يدعون إلى إنشاء دولة إسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية وإلى دستور إسلامي،  ففي بعض الدول العربية  حيث يسود فكر ديني ينتمي إلى السلفية كان يسجن من يدعو إلى تعليم المرأة. في السعودية حرمان المرأة من سياقة السيارة كونها فقط اداة عورة خلقة لنكاح وتربية الاولاد، والمشكلة الرئيسية في أن الإسلام لا يسمح لمن اعتنقه بتغيير دينه واعتناق دين آخر أو الإعلان عن إلحاده، كما وقع معي أنا خصوصا عندما جهرت بأفكاري التي تصنف إلحادية في الوسط الذي اعيش فيه، وعبرت عن افكاري فكانت النتيجة جد مزرية من المحيط الذي اعيش فيه لم يتقبل احد اختلافي. اصبح الكل يعاديني اتهموني بالكفر و الزندقة و التمويل من الغرب،  تعرضت لتهديدات بالقتل من طرف مسلمين متطرفين و السب و الشتم من طرف معتدلين.
  البلدان العربية بحاجة إلى النظام العلماني لان العلمانية تكفل للجميع حقوقهم الخاصة والعامة وهي الحل الأوحد حاليا  كما  مرت اوروبا بهذه المرحلة في عصر الانوار.
الى اي متى سيبقى المسلمون في انغلاقهم على انفسهم بعيدا عن العالم وعدم تقبل الفكر المخالف لهم؟ 
اين هو دور المثقف في تنوير المجتمع؟ فمجتمعنا يعاني من ظلمة العقول، و نحتاج الى نظام بديل و إعلام بديل يحارب الفكر المتطرف الذي يسود في مجتمعاتنا.

الأحد، 14 أغسطس 2016

جماعة اسلامية تفتي بقتلي!


الكاتب : زوهير المشردل

"ذلك الكافر سنقتله بعد يومين إن لم يقدم اعتذارا، و حتى إن قدم اعتذرا سنقتله و إذا حاول الهرب سنتبعه حتى المطار و سنقتله في المطار. نحن نعرف عنه كل شيئ نحن نراقبه دائما.أنتم لم تربوا ابنكم على الدين، أنتم أيضا مهددون بالقتل.''
هذا ما قاله رجل دين كهل متوسط الطول و له لحية بيضاء لأمي. مجهول قصد حينا بحي سيدي مومن و طرق باب بيتنا و نادى بلقاء أصحاب البيت فخرجت له أمي. و أخبرها بهذه الرسالة  بكل هدوء، كما لو أننا نعيش في العراق أو اليمن أو ما أسوأ.

أمي كانت ترتعد و وجهها عليه ملامح الرعب و الخوف. كانت تعانقني و تبكي، دموعها كانت تنهمر على جسدي و هي تقول لي سيقتلونك يا بني، تب إلى الله و توقف عن الكتابة في الدين، لقد هددونا جميعا بالموت بسببك.

هذا ما حدث يوم الجمعة مساء 12 غشت 2016. منذ تلك اللحظة و أنا أعيش حالة صدمة نفسية.
وقت ظهيرة يوم السبت، قصدت صديقين لي، و اتجهنا إلى الحديقة العامة بحي عين السبع. مكان مسيج و آمن كما يبدو، جلسنا و حكيت لهما ما جرى طلبا للنصيحة. بعد قليل اتصلت أم صديقي بابنها، فتركنا. و ما  إن خرج  صديقي من الحديقة حتى اتصل بنا و أخبرنا بوجود رجل ملتحي يلاحقنا و يراقبنا من أمام باب الحديقة.. بعد ذلك قرر أحدنا التحقق من الأمر، و عند خروجه كانت الصدمة: رجلان كبيران و عليهما سمات التشدد الديني و الفكر الجهادي يحملان هاتفين خاصين و يترصدان بمن سيخرج.
بقيت وحيدا، صديقي الثاني اتصل بي و أكد لي هكذا ''إنهما قادمان ليقتلاك. اهرب''. هربت و خرجت فارا بعد أن تسلقت السياج، دون أن يراني أحد.

ما العمل؟ أردت اللجوء إلى قسم الشرطة و إخبراهم بما يجري، خفت أن أتعرض للاعتقال لكوني أنتقد الدين و السلطة و أسخر من الأديان في حسابي على الفيسبوك و في مدونتي. أنا الآن في حيرة و لا أعرف إلى أين أذهب. لا وجود لجمعيات ستقف معي، مجرد أسماء جمعيات بدون عمل جمعوي حقيقي، فقط أجهزة مخزنية مراقبة كذلك، الأعضاء مجموعة من الملكيين و اليمينيين و لا صلة لهم بالنضال أو الدفاع عن حقوق الإنسان، يدافعون فقط عن العاملات في البيوت أو ضحايا العنف الأسري. أما أنا بانسبة لهم فمجرد دخيل يسبب الإزعاج. هذه الدولة لا تحمي أمثالي، بل تصدر قوانين لكي تحاربني.

حاليا أنا في حالة خوف و أتوقع في أي لحظة أن أتلقى طعنة سكين غادرة و حتى أثناء نومي ببيتنا أو إطلاق نار أو اختطاف أو الدهس بسيارة لإخفاء عملية تصفيتي. أتمنى بصدق ألا تكون هذه آخر كتاباتي، و أن تصل قضيتي إلى من سينقذني من هؤلاء الدواعش.
في النهاية، ماذا فعلت لأستحق كل هذا؟ أنا فقط أمارس حقي في التعبير و الجهر بأفكاري مثل أفراد هذه الجماعة و مثل أي إنسان آخر. أين هي حرية التعبير؟ أين هي حرية الاختيار و المعتقد؟ أين هي لا إكراه في الدين؟ أم أنا مجرد مرتد يجب قطع رقبته. أين هي دولة الحق و القانون؟